بين مراسلات الأمس وتواصل اليوم // بقلم المبدع// علي الوباري

 بين مراسلات الأمس وتواصل اليوم


يستغرق وقتا طويلا من يراسل برامج المستمعين في الإذاعات، ينتظر كل اسبوع جنب الإذاعة يسمع رسالته التي أخذت مدة طويلة وأحيانا لا تصل، تزامنت هذه الهواية مع هواية جمع الطوابع ومراسلة المجلات في قسم التعارف وتبادل الصور، أين هذه الهوايات وهل كان متوقعا أن تختفي أو لا أحد يهتم بها بهذا الزمن، بطيئة التفاعل ومعدومة التغذية المرتدة، لم يعد أحد يهتم بالمجلات والإذاعات مثل السابق، بعد انتشار الشبكة العنكبوتية التي تشبك عدد غير محدود من الناس وبلغات مختلفة ويتبادلوا الصور والفيديوهات والحوارات والنقاشات وبتفاعل لحظي بالصورة ومعرفة تعبيرات الوجه، تنمو معارف المتواصل بأدوات التواصل الأجتماعي بالدقائق، يشعر أن أحداث العالم في كفه تنتقل معه أينما ذهب وأينما حل. 

الأمر ينطبق على الكتاب والصحفيين بالصحف والمجلات، كم عدد جمهور أشهر الصحفيين العرب أمثال أحمد بهاء الدين، ناصر الدين النشاشيبي، مصطفى أمين، كم قراء مقالاتهم، وكيف يعرفوا أن مواضعيهم حازت على أعجاب من قرأها؟. 

لو كانوا عايشين لحد الآن، كيف شعور هؤلاء الكتاب والصحفيين عندما يشاهدون ويقرأوا عن جمهور ومعجبين سنابي مستخدم السناب أو الانستغرام أو توتير، يتفاعل معه جمهوره باللحظة يسجلون له الاعجاب (like) بمئات الألوف بمجرد استقبال ما ينشر من صور وفيديو وبتعبير ببضع كلماتي تلقى التغذية المرتدة والتفاعل السريع والاستجابة؟. 

الاستجابة السريعة بالثانية انتجت عن مشاهير أدوات التواصل الاجتماعي معرفة ما يريد الجمهور على مقياس جمهور السينما ( الجمهور عايز كدا)، ربما الكثير يتألم مما يرى في واقعنا بخلق عناوين للشهرة وطغيان أجيال جديدة من المشهورين (النجوم) سحبت البساط من تحت أقدام الكتاب والصحفيين بل المفكرين والفلاسفة، لكن هذا واقع أدوات التواصل الاجتماعي حتى لا نحبط كل مائة سنة تنتج ثقافة بروادها تلاءم الأداة وأداة هذا العصر التكنولوجيا أو سلطة التقنية، هي من تنتج النجومية وخصائصها. 

لم يتوقع من كان مدمن المراسلات بالبريد او من هواة التواصل مع صفحات القراء في المجلات والصحف أن تتغير الحالة ويتحول القارئ من متلقي أخبار وآراء إلى صانع خبر وموجه رأي عام ومساهم في ظواهر اجتماعية بل يصنع ثقافة عامة بمجتمعات تبعد عنه عشرات الألوف من الأميال ويصبح هو المحرك للجماهير حتى بلغة غير لغته وثقافة مختلفة عن موروثاته.

علي الوباري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا بعد// بقلم المبدع// صالح بوطبزة

بين السطور// بقلم هرم قصيد الغزل والنظم// عبد الكريم سيفو

مغربي الحبيب// بقلم المبدع// جمال الغوتي