ابو مروان السعيدي// يكتب رائعته// لبنان // 22/9/2020

لُبْنَانُ
"""""".          
بَيْرُوتُ كَلْمَى لحْمُهَا يَتَمَزَّقُ
               وَدِمَاؤهَا مَاءٌ يَسُحُّ وَيُهْرَقُ

وَسَمَاؤهَا صُبِغَتْ بألوَانِ الدُّجَى
               وَنَهَارُهَا ليْلٌ وجَمْرٌ مُحْرِقُ

وَالحُسْنُ أَخْفَاهُ ظَلامٌ دَامِسٌ
             والبُومُ يَنْفُِضُ رِيْشَهُ ويُحَلِّقُ

مَهْدُوْرَةُ الأنْفَاسِ في قَبْرِ الأَسَى
       والصَّمْتُ يَجْثُو والطُّبُولُ تُبَقْبِقُ

وَتَجَعَّدَتْ جَبَهَاتُهَا وتَكَدَّرَتْ
        حَبْلُ الوِصَايَةِ في حِمَاهَا يَفْسُقُ

وتَكَحَّلَتْ أجْفَانُهَا بِرَمَادِهَا
             والرِّيْحُ تَثْقُبُ ثَوبَهَا وَتُشَقِّقُ

وَمَسَارِجُ الزَّيْتُونِ أَخْفَتْ نُورَهَا
                وَأَبَتْ فَتَائِلُهَا تَلُوحُ وَتُبْرِقُ

سَلَبُوا المَآذِنَ صَوْتَهَا وتَجَهَّمَتْ
       وَالحُبُّ مِنْ وَجْهِ المَعَابِدِ يُسْرَقُ

وَجَرَتْ تَمَاسِيْحٌ تُقَطِّعُ لَحْمَهَا
              الكُّلُ مِنْ أَعْضَائِهَا يَسْتَرْزِقُ

الخَوفُ يَقْتَحِمُ القُلُوبَ كَأنَّهُ
                شَبَحٌ يُطَارِدُهَا وشَرٌّمُحْدِقُ

وَقَفَ اللِّسَانُ عَنِ الكَلَامِ لَعَلَّهُ
          يَنْصَاعُ مَكْنُونُ الحُطَامِ وَيَنْطِقُ

بَيْرَوْتُ هُزِّي الأرْزَ لا تَسْتَسْلِمِي
     فَالغُصْنُ مِنْ بَطْنِ اللِّحَاءِ سَيُورِقُ

إنَّا اقْتَسَمْنَا الجُرْحَ لَا تَتَأوَّهِي
               فَالوِدُّ مَا بَيْنَ الضُّلُوعِ مُوَثَّقُ

ولظَى التَهَابِ مَشَاعِري أَكَلَ الشَّوَى
          وغَدَا فُؤَادِي مِنْ نَحِيْبِكِ يَخْفُقُ

وَلَوَاعِجٌ في النَّفْسِ أَضْحَتْ جَمْرَةً
                 لَوْضَمَّهَا قَلبِي  إليْهِ تُحْرَقُ

وَمَدَامِعِي تَهْمِي كَوَدْقٍ مُسْبِلٍ
          ويَفِيْضُ جَفْنِي بالسّيُولِ وَيَغْرَقُ

وَلَوِ اللَّيَالي أَنْبَأتْنِي بَاكِرَاً
            لَجَعَلتُ صَدْرِي قَبْلَ وَأْدِكِ يَسْبِقُ

إنِّي أَرَاكِ عَلَى بَعِيْرٍ أَهْزَلٍ
                الكُلُّ فَوقَ سَنَامِهِ يَتَسَلَّقُ

فَلتَحْمَلِي دِفْءَ الحَنَانِ بِقُوَّةٍ
           وَتَنَفَّسِي مِنْ صَدْرِ حُرٍّيَعْشَقُ

بَيْرُوتُ كُفِّي الدَّمْعَ لَا تَتَأَوَّهِي
      فَالشَّمْسُ فِي وَجْهِ الطُّيُورِ سَتُشْرِقُ

إنِّي وَجَدْتُ الحُزْنَ فِيْكِ فُتُوَّةً
             وَالشَّرُّ عِنْدَ رَدَِاهِ بَيْتِكِ يُزْهَقُ
 
كَمْ مِحْنةٍ سَقَطَتْ عَليْكِ وَنُكِّسَتْ
                 وَالمُرْجِفُوْنَ بِكُلِّ وَادٍ مُزِّقُوا

إنَّ العَبِيْدَ وُجُوْهُهُمْ مَمْطُوْطَةٌ
              وَلِسَانُهُمْ مَرْهُونَةٌ تْسْتَلحِقُ

تَنْمُو الضِّبَاعُ عَلَى مَتَاعِبِ غَيْرِهَا
                 أَمَّاالأُسُودُ تَصِيْدُ لَا تَتَسَلَّقُ

لُبْنَانُ جَدِّدْ آيَةَ الوِدِّ النَّقِي
         سَيَضُوعُ مِنْ تَحْتِ الرُّمَامِ الزَّنْبَقُ

وَتَكُفٌّ أَشْرِعَةُ الظَّلِامِ وَشَرُّهَا
             وَيَلُوحُ في أُفُقِ السَّمَاءِ البَيْرَقُ

وَطَنِيْنُ أَجْنِحَةِ الذُّبَابِ سَيَخْتَفِي
              وَيُقَهْقِهُ الفَجْرُ الجَدِيْدُ وَيُشْرِقُ

وَرَأَيْتُ أَكْفَانَاً تُحَاكُ لِمِثْلِنَا
            حَيْثُ الَأفَاعِي وَالكِلَابُ تُوَقْوِقُ

وَحَبَائِل الأَضْغْانِ تُزْرَعُ بَيْنَنَا
          وَعُرَى المَحَبَّةِ بِالدَّسَائِسِ تُشْنَقُ

حَيْثُ التَّمَاثِيْلِ الرَّخِيْصَةِ تَرْتَمِي
              وَعُرُوْشُ أَصْنَامِ الجَهَالَةِ تُخْلَقُ

خَسِرَ الَّذِي أَدْمَى البِلَادَ رِهَانَهُ
           وَمَضَى إلى حَيْثُ الزُّبَالَةِ تُنْفَقُ

أَرْضُ الكَرَامَةِ لِلْجُنَاةِ مَقَابِرٌ
                 وَجَبِيْنُهَا فَوقَ العِنَانِ يُحَلِّقُ

أبو مروان السعيدي

اليمن

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا بعد// بقلم المبدع// صالح بوطبزة

بين السطور// بقلم هرم قصيد الغزل والنظم// عبد الكريم سيفو

مغربي الحبيب// بقلم المبدع// جمال الغوتي