عن اللغة // بقلم المتألق// عمار العربي
***************** عن اللغة *****************
ليْسَ مِثْلُ اللّغةِ مِنْ حاجزٍ
شادَهُ وَهْمُ التّواصُلْ ،
و جَوادٍ خشبِيٍّ
يَمْتَطِي صَهْوَتَهُ كلُّ مُخاتِلْ .
ليْسَ مِثْلُ اللّغةِ مِنْ ساحِرٍ
يُخْرِجُ مِنْ كُمّهِ حينًا أرانِبْ
و حَماماتٍ، و طَوْرًا
حيّةً رَقْطاءَ تَسْعَى و عَقارِبْ .
☆ ☆
حينَ تَغْدُو اللّغَةُ مَحْضَ حَوَاشي
كُتُبٍ صَفْراءَ يَعْلوها الغُبارْ
و زَخارِفْ
في بَراويزَ لِتَزْيِينِ الجِدَارْ ،
حينَمَا تَغْدُو بُخارًا
يَمْنَعُ المِرْآةَ مِنْ عَكْسِ الصّوَرْ ،
حِينَما تغْدو مُزيلًا للرّوائِحْ
لِتُغَطّي بَعْضَ ما يُنْكِرُهُ أنْفُ البشَرْ ،
حِينما تغْدو خَراطيمَ مِيَاهٍ
تُخْمِدُ التَّسْآلَ إنْ شَبَّ بِروحٍ
و تُبَشّرْ
بالخضوعِ لِلْقَدَرْ ،
حِينَما تَنْقَلِبُ قُرْصًا مُسَكّنْ
لِمَريضٍ بَلَغَ أوْجَ الخطَرْ
لَنْ يَكُونَ ما يقولُ الشاعِرُ إلّا دَوائرْ
في غَديرٍ راكِدٍ
أُلْقِيَ فيهِ حَجَرْ .
☆ ☆
و إذَا اللّغةُ أضْحَتْ خَشَبِيّهْ
لا يُشِعُّ مِنْها قَطُّ نورُ نَجْمَهْ ،
لا يَفوحُ مِنْها يَوْمًا عِطْرُ وَرْدَهْ،
لا و لا تُسْمَعُ مِنْها نَغْمَةُ نايٍ شَجِيّهْ
فَاحْذَرُوهَا
و اغْرِسُوا وَرْدَ الحياةِ
في بَسَاتينَ بَهِيّهْ .
☆ ☆
و إذا ما هِيَّ صارَتْ زِئْبَقِيّهْ
كَدُهُونٍ تَتَرَجْرَجْ
أوْ كَمُومِسْ
تَتَبَرّجْ
ما لَهَا أيُّ قَضِيّهْ
فَاهْجُرُوهَا
و انْتَحُوا رُكْنًا بِرَبْوَهْ
في مَداراتٍ قَصِيّهْ .
☆ ☆
نَرْفُضُ اانْ يُصْبِحَ الحَرْفُ مُبَشّرْ
بالطّقوسِ الهَمَجَيّهْ.
نرْفُضُ أن يُصْبِحَ الحرْفُ مُزَوّرْ
لِعُصُورٍ دَمَوِيّهْ.
نَرْفُضُ أنْ يُصْبِحَ الحرْفُ مُبَرّرْ
للسّياساتِ الغَبيّهْ.
نرفضُ أنْ يُصْبِحَ الحرْفُ مُطَبِّعْ
أوْ مُتاجِرْ
بالقضِيّهْ.
نرْفُضُ أنْ يُصْبِحَ الحرْفُ مُنَقِّرْ
في ضَميرِ البشرِيّهْ.
نرْفُضُ أنْ يُصْبِحَ فأْرًا مُنَفِّرْ
كُلُّ هَمّهْ
قِطْعَةُ جُبْنٍ شَهِيّهْ.
☆ ☆
لِيَكُنْ قَصْفَ رُعُودٍ
لِيَكُنْ سَيْلًا تَحَدّرْ.
لِيَكُنْ قَطْرَ نَدَى
يُنْعِشُ الوَرْدَ و النّبْتَ بِبُسْتانٍ تَصَحّرْ.
لِيَكُنْ لَحْنًا تَمَرّدْ.
لِيَكُنْ طَيْرًا يُغرّدْ.
لِيَكُنْ حَقْلَ سنابِلْ
كُلَّ فصْلٍ يَتَجَدّدْ.
لِيَكُنْ صَوْتَ جُموعٍ
في الميادينِ يُلَعْلِعْ.
لِيَكُنْ أنّةَ طِفْلٍ
مِنْ شقاءٍ يَتَوَجّعْ.
لِيَكُنْ صَرْخَةَ ثَكْلَى
عِنْدَ فَقْدٍ تَتَفَجّعْ.
لِيَكُنْ آهَةَ حائِرْ
في الضّميرِ تَتَرَجّعْ.
لِكُنْ هَمْسَةَ عاشقْ
لِحبيبٍ يَتَمَنّعْ.
لِيَكُنْ لحْنًا مُوَقّعْ
يَخرقُ كلَّ الحواجِزْ ،
يَبْلُغُ أقْصَى الأقاصِي
في تَناغُمْ
و تَنَوُّعْ .
عمار العربي الزمزمي
الحامّة ، تونس، ديسمبر 2020
من مجموعتي " في انتظار الربيع"
تعليقات
إرسال تعليق